أعقب ثورة الشيخ حيدر بن طليل في الميناو ارهاب شديد لم تشهد له الأحواز
مثيلا من قبل . وبقى الشعب العربي الأحوازي طوال السنتين اللتين أعقبتا
الثورة يعاني أقسى أنواع الاضطهاد والتمييز العنصري البغيض ، وكان من نتائج
ذلك ان اتفقت بعض القبائل العربية مع الشيخ جاسب ابن الشيخ خزعل على ثورة
شاملة تطيح بالاحتلال الفارسي وسلطاته الاستعمارية وطرده من القطر ، وتعيد
امارة كعب العربية الى سابق وضعها وأيامها قبل الاحتلال الفارسي للاحواز
عام 1925 م ، فدخل الشيخ جاسب المنطقة في هذه السنة 1943 م واعلن ثورة تكاد
ان تكون شاملة مؤيدا من القبائل العربية الاخرى ، ولكنه تراجع اخيرا امام
ضخامة القوات الفارسية الغازية من حيث العدد والعتاد وبعد ان نكثت تلك
القبائل بوعودها ولم تسنده . وقد سميت هذه الثورة بـ ( الغجرية ) نسبة الى
المكان الذي انطلقت منه . وكان من بين المشاركين في هذه الثورة قائدنا
البطل الشهيد محي الدين آل ناصر حين كان عسكريا في حينها ( رئيس جبهة تحرير
عربستان ) .
خسائر العدو الفرسي :
ان
من يطلع على الخسائر التي تصاب بها ايران يجدها كثيرة اذا ما عرفنا ان سلاح
الثوار يشتمل على البنادق وبنادق الصيد الانجليزية القديمة ، وقد تمكن
الثوار من تكبيد السلطات الفارسية الخسائر الآتية :
-
قتل العدد الكثير من جنود وضباط الفرس .
-
اسقاط طائرة حربية فارسية ، ولابد لنا ان نذكر هنا ان سلاح الجو الايراني
كان يشارك في قصف الثوار بالقنابل المحرقة في كل ثورة .
اسباب فشل الثورة :
من
الممكن ان نجمل أهم أسباب فشل هذه الثورة التي كان المعول عليها في انهاء
سيطرة الاحتلال الفارسي على الأحواز ، بما يلي :
-
انسحاب القبائل العربية من الثورة بعد ان ايدت الشيخ جاسب في البداية ،
وكان ذلك الانسحاب مضعضعا للثورة مما أدى الشيخ جاسب الى التقهقر امام
الجيش الايراني ( الفارسي ) والفرار . اما سبب انسحاب تلك القبائل العربية
من الثورة يعود الى التهديد الفارسي المباشر لها بتدميرها وسحقها بكل وحشية
ومحوها من الوجود ، ففضلت تلك العشائر البقاء على ما هو عليه من أمر مجحف
ظالم بهدف المحافظة على الانسان الاحوازي وبقاء الارض بيد المواطنيين
الاحوازيين والحد من توسيع دائرة المصادرة الاراضي واستيطانها بالفرس وحقن
دماء الاحوازيين ، ولان تلك العشائر ترى ان الثورة غير متكافئة مع حجم قوات
الاحتلال الفارسي وفشلها محتوم لافتقارها ايضا للدعم العربي القومي من
الاشقاء العرب في الدول العربية .
-
الموقف السلبي من الحكومة العراقية في تلك الفترة ، ويتمثل هذا الموقف في
شيئين :
-
مواقف الخيانة ... وهذه المواقف لم تتبدل في جميع الظروف ، الذي شلكه
الاحتلال الفارسي في الاحواز من ضعفاء النفوس وعديمي الغيرة الاحوازية
والعربية والمتجردين عن اخلاقيات الانسان الوطني المستقيم ، والذي تغريه
المخابرات الايرانية بالمال والوعود بالوظيفة المرموقة ومغريات اخرى لشراء
الذمم بهدف ضرب الثورة الاحوازية وتكريس وتثبيت السيطرة الاستعمارية
الفارسية في الأحواز الجريحة ، ومازال هذا الطابور الخامس والخونة العملاء
يتسابقون مع الشرفاء والاحرار والثوار ولكن لكل منهما طريقه المختلف ،
فالعملاء يسعون الى تثبيت سيطرة الاحتلال الفارسي في الاحواز وابقاء الشعب
العربي الاحوازي يعيش في الظلام الفارسي ويتجرع القهر ويتلحف العذاب والضيم
ويضرب عليه التجهيل ، اما الشرفاء فطريقهم مقدس وغايتهم كرامة وهدفهم شريف
يهدف الى تحرير الوطن وتخليصنا من الاستعباد الفارسي واذلالهم لنا لنغدوا
اسيادا على انفسنا واحرارا في وطننا حالنا حال اشقائنا العرب وحال اي شعب
من شعوب العالم يتطلع الى الحرية والكرامة والاستقلال وتقرير المصير .
اما نتائج الثورة فهي سلبية كباقي الثورات السابقة ، ولم يجن منها الشعب
الاحوازي غير سلب المزيد من حريته واملاكه ولقمة عيشه وصب العذاب الفارسي
عليه ظلما وبهتانا .
------------------------------------------------------------
موضوعات
ذات صلة :