كلنا نتذكر انتفاضة 15 نيسان 2005 المباركة التي
هزت عرش النظام الفارسي في طهران , و التي راح ضحيتها العشرات من
الشهداء و الجرحى و اعتقال المئات من الأحوازيين .
فحاول النظام أن يخفي الأسباب الرئيسية لهذه
الانتفاضة و أن ينسبها إلى أميركا و بريطانيا و بقايا حزب البعث في
العراق .
و تجاهل هذا النظام المحتضر أن الإعلان و بفضل
الفضائيات و شبكة الإنترنت اصبح مسيطرا" على كل التحركات مهما بعدت
مسافتها أو حُجبت بواسطة الأنظمة القمعية , حيث عرف العالم العربي و
الغربي حقيقة النظام الايراني مهما تستر خلف ستار الإسلام و مهما منع
وصول المراسلين إلى الأحواز و تغطية الانتفاضة . و نحن الأحوازيون نشكر
كل القنوات الفضائية و بالأخص قناة الجزيرة و مراسلها عباس ناصر و قناة
المستقلة الموقرة اللتان أزاحتا الستار عن قضايا بلدنا الذي انصبت عليه
المصائب من جانب حكام ايران و صيرت أيامه لياليا" . وليعلم هذا النظام
الشوفينـي أن الانتفاضة سوف تستمر و أن الشعب الأحوازي قد اجتاز مرحلة
الخوف و بات يطمح بالحياة العزيزة التي تليق به .
فبيت القصيد هنا حيث أني زرت أحد الأصدقاء الذي
كان قد اُعتقل في 17 نيسان و بقى في الاعتقال 45 يوما" . فتحدث لي عما
جرى له بما يلي :
جاءني أربعة من الاستخبارات عند التاسعة صباحا"
حيث اعمل , و قالوا لدينا كم سؤال لك , تعال معنا و سترجع إلى عملك بعد
دقائق , رحت معهم و أدخلوني حجرة صغيرة قالوا انتظر هنا ثم أغلقوا
الباب .
عندها أدركت أن الوضع سيزداد سوءا" , فانتظرت و
انتظرت حتى بلغت الساعة الواحدة ليلا" , فجاء أحدهم و عصب عينـيّ و
أخذني إلى غرفة التحقيق , فكانوا بانتظاري ثلاثة أو أربعة و بدأت
الأسئلة التافهة :
لماذا حرضت الناس ؟ لماذا زرت زيدا" و عمروا" ؟
لماذا و لماذا ----؟ من الذي كتب الشعارات على حيطان شوارعكم ؟ من هم
أصدقاءك ؟ اكتب لنا تقريرا" كاملا" عن حياتهم , أصدقاءهم , تفكيرهم و
----و مرت الساعات حتى أذن أذان الفجر و مضت سبعة ليالي و هم
يستنطقوننـي و يضربوننـي من المساء حتى الصباح , و عند الصباح
يمنعوننـي من النوم بحجج مختلفة منها طرق باب الحجرة المسجون فيها بشدة
كل نصف ساعة و السؤال عن إذا ما كنت محتاجا" لشيء مثلا" .
ثم نقلوني إلى السجن , فما رأيته في السجن كان
رهيبا" .
القمل يدب على البطانيات و الرائحة النتنة تدوخ
الرأس ,
كان الطعام ماءا" احمر أي ماء و معجون طماطم فلا
نحس ذائقة الطعام فيه و الخبز مقطن .كل المسجونين يدخنون و عند المساء
يجتمعون كتلة , كتلة نازعين قمصانهم يتفاخرون بوشم أجسادهم و تبسط
مائدة الترياق و البافور و الهروئين و يملأ الدخانُ صالونات السجن .
بعدها عرفت أن السجان هو الذي يهيأ لهم ما يطلبون
من سموم و مخدرات مقابل أن يدفعوا له , فتدخل المخدرات إلى شباب العرب
بثمن رخيص جدا" . فخلاصة الكلام أن المخدرات تتوافر في السجن اكثر من
الشارع .
و هناك تقارير تفتيش يجب أن تقدم من السجن إلى
جهات عليا , فيأتي شرطي يخبر المسجونين بأن التفتيش هذا اليوم سيتم في
بند 1 و بند 2 فينقل المسجونون المدمنون ( و كلهم مدمنون ) بوافيرهم و
موادهم المخدرة إلى بندي 3 و4
و بكرة التفتيش في بندي 3 و 4 فترجع البوافير إلى
بندي