انتهت الحرب الايرانية – العراقية التي استمرت ثمان سنوات،
حينئذ استفقدت نخلات
المحمرة و عبادان
اخواتها . فقد قُتلت بعض النخلات اثر رمي الدبابات و الصواريخ و
قنابل الطائرات و بقية المفجرات ، رغم هذا
فقد سلم عدد كبير من النخيل و ما مات إلا القليل منها . رفع فحل
القنطار الذي يصدر طابور النخيل المنظم علي ضفاف شط العرب سعفاته و قال
مشجعا" النخلات : ايتها القنطارات و السعمرانات ، ايتها البريمات و
الحلاويات ، ايتها الديريات و البرحيات ، ايتها النخلات ذات الاسماء
المتنوعة و الجميلة جميعا" ،لا تحزنن من فقد بعض صديقاتكن و لا تضعفن
من كثرة البردي و الحلفة ، فسيأتي فلاحنا و يرعرعنا و سوف نزهوا و
نزدهر و نثمر .كان الفحل يلقي خطبته الرنانة للنخلات و إذا الفرس جاؤوا
مهرولين نحو النخيل و تصحبهم محاريث آلية و ساحبات مكانيكية .عرّض فحل
القنطار صدره امامهم و قال :أري في وجوهكم الشر ايها الفرس ، فماذا
تريدون ؟ اجاب احدهم :نوينا علي إبادتكن ايتها الاشجار العربية ، كي
اذا عاد العرب الي اوطانهم لا يجدون علامة لعروبتهم .ألم تسمعي
بشعارهم ( اينما نخلة خضراء ، ارض عربية جمراء
) ؟
و اذا فرغنا من قتلكن سنهجم نحو نخيل المحرزي ، ثم نحو نخيل
عبادان ، و أعلمي ايتهاالاشجار ان هذا أمر قدصدر من ملوكنا في طهران .
قال فحل القنطار : ولكن الحرب قد انتهت !
قال الاعجمي :نعم ، حربنا مع العراق قد انتهت ، انما لدينا عرب
في مناطقنا الايرانية و إن الحرب لم تنته بعدُ معهم .قال فحل القنطار
:و لكنهم نازحون عن اوطانهم و ليسوا حاضرين في ساحة القتال ،قال
الاعجمي :إن هؤلاء يشكلون خطرا" للحكومة و إنْ كانوا في المهجر . هل
تعلمين ايتها الشجرة ، ماذا فعل هؤلاء العرب في سنة 1979 في
المحمرة ؟ إنهم قاموا بثورة عربية و
طالبوا بما ليس لهم .
قال فحل القنطار :انا كنت شاهدا" نضالهم .
قال الاعجمي :اذن لا تلومينا ايتها الشجرة .
قال فحل القنطار : انهم ناضلوا لطلب حقوقهم ليس إلّا !
قال الاعجمي : لا حقوق للعرب ، و إعلمي اننا سوف نطمس عروبتهم .
فحل القنطار: كيف تستطيعون ان تطمسوا عروبة أهل
الفلاحية و الحويزة و
عبادان و ….؟
الاعجمي : ليتك تبقي حية لتري كيف خطط لهم ملوكنا في طهران كي
يطمسوا عروبتهم و ينسوهم عروبتهم .
فحل القنطار : هلّا أخبرتني ببعض هذه الخطط ؟
الاعجمي : طالما لا اخشي أنْ تفضحي سرّ الحكومة و إنك ستُقتلين الآن ،
فسأفشي لك قليلا" منها :سنمنعهم من الكتابة و القرائة بلسانهم ، اي لا
نسمح لهم إنْ يدرسوا باللغة العربية و لانسنح لهم فرصة كي ينشروا جريدة
او مجلة او كتابا" عربيا" .ثم نمنعهم التكلم بالعربية و نصدر قرارات
تمنع التكلم بهذه اللغة في الدائرات و الاماكن الرسمية ، كما و نحذر
العرب من الدخول في الاماكن الرسمية و هم مرتدئون ملابسهم العربية ،
فسوف يكرهون لسانهم و ملابسهم و يلتجئون الينا ،ثم نهجم عليهم بفيلق من
التبليغ الثقافي الفارسي العريق و نبث لهم من تلفزيوناتنا واذاعاتنا و
من خلال جرائدنا و مجلاتنا و كتبنا الثقافة الفارسية .و من قاوم ضدّنا
فهناك سجن و تعذيب و اعدام . و من الخطط التي سوف لا تعجبك و ننوي ان
نعلمها لإخواننا الصهاينة كي ينفذوها ضد العرب المشاكسين هناك ، هي أنْ
ننشر الادمان بين شباب العرب كي لا تبقي كرامة لهم و لا شرف . و أن
نبقيهم في البطالة حتي يُذلوا و يُقبّلوا اقدامنا لجل لقمة خبز
يأكلونها .و سوف نسلط عليهم رؤساء من الفرس في كل الدائرات. و لو
اضطررنا علي أنْ نوظفهم يوما" ، فسوف نشغلهم بالمهن السافلة. و نضيّق
عليهم الحياة لدرجة حتي يكرهوا وجودهم و يكرهوا عروبتهم و حتي يظنوا بل
يفهمون أنّ كل هذه التعاسة التي قد اُبتلوا بها انما نتيجة تمسكهم
بقوميتهم العربية ، فيضطرّون عندئذ أنْ يقبلوا ثقافتنا الفارسية و ليتك
حية ايتها الشجرة لتري كيف سوف نعجّمهم جميعا" . و الآن ايتها الشجرة
التي جعلت نفسك رئيسة ، سنبدأ الذبح بك .فحل القنطار : اقتلني ايها
الشرس ، و إعلم أنّ ابناء العرب سوف يثورون مطالبين بثأرنخيلهم العربية
. أرق دمي ايها السفاك مثلما ارقتم دماء ثوار العرب في ثورة المحمرة ،
و صار ينشد : ( لو دمنا تشربه الكاع كل
قطره تخضر ورده عربيه ) ثم هجم الاوغاد علي فحل القنطار
بالمحراث الآلي و بدأوا يضربونه بجسده الضعيف !فكان لم يستطع الدفاع او
الهروب و ظل يستغيث ربه . و شن زمرة المجوس علي النخيل بعدما قتلوا
الفحل و صاروا يبيدونها جميعا" . فصريخ الوجع و الاستغاثة ملأ الارجاء
و لكن لا عربي موجود هناك ليغيث النخيل .فنخلة تُحرق و اخري تُضرب
بمحراث آلي و ثالثة تُربط من عنقها و تُجر بالساحبة و رابعة يُطلق
نحوها الرصاص .و امست غابة النخيل صحراء ، جرداء . ثم جمع الفرس الجذوع
المدممة في مكان واحد و اشعلوا بها النار و صارالمجرمون يرقصون حول
النار التي تحرق اجساد النخيل . قال عندئذ احد الغربان القاتلين : يا
أبناء النار المقدسة ، ما رأيكم بشوطي كرة قدم في هذه الساحة البيضاء ؟
فضحك الجبناء بصوت مزعج و عربدوا معا" ( هورا …………..)
أمل الأحوازي