ايران ودورها في استغلال مشاعر الشيعة ..!

بقلم
سيد طاهر آل سيد نعـمة
مستشار شبكة الأحواز

قال الله تعالى في قرآنه المجيد :

« بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين (29) فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (30) منيبين اليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون (32) »   صدق الله العلي العظيم - سورة الروم

ان ايران منذ ان اعتنقت الأسلام دينا بعد مجوسيتها التي كانت تشكل حقبة مظلمة من تاريخها ، وانتقالها من العبودية الى الهدى وهداية الأسلام ، ومن الظلمات الى النور ، ومنذ ذلك الانتقال وحكامها لم يدخروا جهدا الا واستغلوه من اجل ضرب وحدة العرب الذين بوحدتهم يكون الاسلام قائما لان العرب وعاءه ، ومتى ما انفرط عقد العرب تهدد الاسلام حصنه ، وهكذا كان الجزاء الفارسي للعرب الذين ادخلوا الفرس الى رحاب الاسلام .

ولان المسلمين الشيعة قلوبهم عامرة بالايمان والولاء والحب الطهور لآل البيت النبوي الشريف فنجد ان الحكومات الايرانية المتعاقبة ومن ضمنها حكومة رجال الدين الحالية تستغل هذه المشاعر الايمانية الطيبة وتوظيفها لاغراضها واهدافها الفارسية الشعوبية العنصرية وسياساتها ذات المردود العنصري من حيث لا يدري الشيعة العاديون ، ويحاول حكام الفرس ان يدفعوا شيعة العرب الى الثورة على حكوماتهم الوطنية بهدف ايقاع الضرر والاذى في بلدانهم ولزرع الفتن والتناحر واشعال الاحقاد والحروب الاهلية في المجتمعات العربية في هذا البلد او تلك الدولة ليكون لايران موطىء قدم في تلك الاوطان .
هذا التوجه الفارسي المنظم الذي تسلكه الانظمة الايرانية ليس وليد اللحظة بل يمتد بجذوره الى العمق التاريخي نتيجة جوار الفرس للعرب جغرافيا ، لهذا نجد حكام الفرس منذ الخليقة حتى هذا اليوم لا يكنون للعرب ذرة حب بل هم في صراع دائم معنا بهدف السيطرة علينا وعلى شعوبنا ومقدراتنا ، ويذهب حكام فارس في اتجاههم العدائي الى ابعد الحدود في استغلال الاسلام وتوظيفه لمصالحهم ونواياهم العنصرية الشعوبية والتوسعية ، كما يسعى حكام الفرس الى ضرب اي وحدة وطنية في اي قطر عربي او وحدة قومية في الوطن العربي وهم في سعيهم الى محاولة لفك عرى تلك الوحدة المصيرية ، وقد شاهد الجميع اثناء الحرب العراقية - الايرانية في الثمانيات كيف ان النظام الايراني اخذ يتلاعب بعواطف ومشاعر الشيعة في الكويت ودول الخليج العربي والعراق ودفعهم الى الدفاع عن ايران ومواقفها السياسية وضرب المصالح الاقتصادية الكويتية والخليجية في المنطقة لصالح ايران وهذا ما حدث ايضا في تلك الفترة في العراق ، فأيران دفعت المواطن العربي الشيعي ان يعطي الولاء لدولة اجنبية ويقف ضد وطنه وابناء بلده عبر شحن النفوس بالمذهبية الضيقة والضرب على الاوتار الحساسة والخطوط الحمراء المهيجة للعصبيات المذهبية والطائفية ، وهذه الاساليب الايرانية الخطيرة التي ينتهجها حكام الفرس بهدف اثارة المتاعب والقلاقل والاضطرابات لزعزعة أمن واستقرار تلك الاقطار العربية والذي يصب في سياسة التدخل الايراني في دولنا العربية خاصة المجاورة لها .

من هنا يأتي الدور الوطني والقومي المسؤول الواعي والمتفهم والذي يتشكل من القادة الحكوميون والعلماء الدين ( شيوخ دين ) والسياسيون والمثقفين والاختصاصين والخبراء وأهل الحكمة والمعرفة ووجهاء المجتمع من اجل خلق ثقافة توجيه وطني تعمل على اعداد المواطن الذي يدرك معنى الوطن والولاء الوطني ومتفهم حقيقة دينه ومذهبه وواجباته اتجاهها مع التأكيد على تسنيين قوانين تشريعية دستورية تنص على احترام الشعائر الدينية للمذاهب الأسلامية واي تجاوز على تلك القوانين يعد تهديدا للوحدة الوطنية والقومية ، ومحاربة اي دعوة متطرفة تدفع البلاد الى الهاوية وخطر الانقسام وانحلال الولاء الوطني .

وعلى هذا الاساس الذي يحتم علينا كعرب شيعة وسنة بالوقوف معا في خندق حماية الوطن والأمة والتصدى لتلك المشاريع الخبيثة والشريرة ، على ان نضع نصب عينينا عدم الانجرار الى متاهات التنافر المذهبي والتعصب الاعمى والانسياق الى الحوار العقيم ، والعمل على تعميق الاحترام بين المذهبين الشيعي والسني لان كلا المذهبين يعملان على تثبيت العقيدة الاسلامية ، وبما ان هذين المذهبين يسعيان بهذا الاتجاه الايماني فمن اولويات تلك المرحلة ان تعم روح الاحترام بينهما والانفتاح المذهبي على المذاهب الاسلامية الخمسة بروح طيبة وبمشاعر محبة وبعقول عاقلة مستنيرة ومتفهمة وبأفق واسعة تقدر مصالح الوطن والامة والدين .
ثم على المذهبين ان يتفهموا حقيقة ثابتة مفادها ان المذهب ليس دين وانما الدين هو الاسلام وان المذهب هو اجتهاد من اجل بيان امر قضايا شرعية دينية .
وعلى علماء الدين ان لا يجعلوا الشعب وطبقاته والمذاهب ان تندفع بالاتجاه التناحر المذهبي ،  والعمل على تهذيب النفوس والشروع بسياسة اسلامية واعية متفتحة تحرص على تذويب النعرات المذهبية وترويضها بضرورة حماية الأسلام وترك قضايا الاختلاف الى الله عزوجل هو الذي يحكم بها وليس نحن البشر ، لان من غير المعقول اننا ندخل الى معترك على احداث حدثت قبل اكثر من 1400 سنة ونهدد ديننا الاسلامي ونقوده الى الهاوية ونفكك الامة الاسلامية وندخلها في دوامة الصراعات المذهبية التي يكون طرحها عقيم حيث ان الاطراف جميعها لا ولن تتفق على ما يطرحه الاخر وبالتالي المستفيد الوحيد من انقسام الامة هم اعداء امتنا العربية والاسلامية ، فالقاسم المشترك اننا ندعو المذهبين الى احترام بعضهما البعض وان الاسلام اليوم هو الاهم وان الوطن علينا ان نحميه واعتباره البيت الذي نسكن فيه ونحفظ ديننا فيه ونقيم صلاتنا عليه ونحافظ على قرآننا من اي فرض خارجي يمنعنا تلاوته !

وهناك من يدعو ان الشيعة هم ضد العروبة ،  فالحقيقة ليست كذلك ، وليعلم الجمع المؤمن ان التشيع هو اول من قاوم التسلط والظلم الاموي في الدولة الاسلامية وتجسدت المقاومة بتحدي الأمام الحسن بن علي عليهم السلام لمعاومة وبثورة الأمام الحسين عليه السلام بسط النبي ،  واول من قادة الثورة ضد الطغيان العباسي هم الهاشميون آل بيت النبوي الشريف ، والتشيع والشيعة في العراق والأحواز كانوا طليعة الشعب العراقي والأحوازي ضد الاستعمار الانجليزي حيث ثورة العشرين في العراق ومعارك الجهاد في ارض الجهاد في الأحواز شاهد تاريخ على النضال الأسلامي ضد التسلط والاستعباد والظلم والقهر .

اما شاهدنا اليوم هو ان ابناء الأحواز هم من الشيعة وهم طليعة الثورة العربية في الأحواز المحتلة يقاومون ويقارعون الحكومات الايرانية وذراعه الأحتلال الفارسي مع العلم ان الفرس هم ايضا شيعة الا ان الشعب الأحوازي لم يمنعه تشيعه من مقاتلة الفرس ومطالبة حقوقه وهو في ثورة حتى انهاء استعمار فارس من الأحواز ، وان الأحواز منذ تاريخها القديم وحتى اليوم يعتز بعروبته وبقوميته العربية اكثر من اي دولة عربية مستقلة !

في حين ان هناك دول مستقلة ترتمي بأحضان الفرس اما الشعب الأحوازي ينتفض ثورة من اجل عروبته وقوميته !

والتشيع هو مع الوطن ومع وحدة الشعب ووحدة الاسرة ويدعو الى الترابط الوطني والعائلي لانه ببساطة منهله القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والاسلام هو مخلص العباد من العبودية والطغيان وناقل الشعوب والملل الى نور الله وهدايته حيث الصراط المستقيم ، والتشيع هو الولاء لأل البيت النبوي الشريف والتمسك بسيرتهم وبالسنة النبوية الشريفة واخذ علوم الدين من بيت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك ابناء السنة هم يسيرون على نهج السنة النبوية الشريفة ويأخذون اجتهاداتهم وعلومهم من الصحابة رضوان الله عليهم .
وبما ان الله واحد والنبي واحد والقرآن واحد والقبلة واحدة واساسيات الدين واحدة وفروعه واحدة فأن الدين واحد واصحاب المذهبين يقولان الشهادتين ( اشهد ان لا آله الا الله واشهد ان محمد عبده ورسوله ) فأنهم يحق عليهم الابتعاد عن اي تناحر ، وكل من يدعو الى غير ذلك الصراط فهو ضد وحدة المسلمين ويستهدف روح الأسلام وانه يضرب اسفينا في صدره بأسم الادعاء والتباكي عليه .

وعلينا اعتبار المذهبين مصدر اجتهاد لقضايا دينية شرعية يقصد أئمة المذهبين وعلماءه الخير للأمة ، فأن اصابوا فلهم الاجر وان اخطئوا الاجتهاد فلهم ايضا الاجر لان مقاصدهم وجه الله عزوجل وخير واصلاح الامة .

لهذا يحتم علينا جميعا ان نكون على يقظة من امرنا والتصدى لادعاءات حكام الفرس المغرضين .   

وان التباكي الفارسي الرسمي لحكام ايران على الشيعة ما هو الا كذب ونفاق سياسي ، وبدليل قطعي اننا نجد ان الشعب العربي الأحوازي شيعي المذهب تماما الا ان هذا الشعب لم يسلم من غطرسة حكام ايران ويجرعونه المر والظلم والاستعباد والقهر والتنكيل في كل يوم وكذلك حالهم ايضا في ظل حكومة طهران الحالية التي تدعي بأن نظامها قائم على الاسلام الا ان الشعب الأحوازي لم يشفع له مذهبه الشيعي  من رفع الظلم الفارسي عليه ، مما نستنتج حقيقة ثابتة وجليه ان الفرس كفرس يحقدون على العرب كعرب شيعة وسنة ، وان هذا الحقد نابع من ارث تاريخي ، وان حكام الفرس نجدهم يتلذذون بأذلال العرب ويتفاخرون به ، ونجدهم ايضا على الدوام متآمرين مع الاجنبي في استعمار العرب واهانة كرامة الشعب العربي .

وان حال الفرس كحال العثمانيون ( الاتراك ) وتدخلهم بالعرب وظلمهم في العهود السابقة وهم من السنة الا ان العرب السنة لم يشفع لهم المذهب من رفع الظلم العثناني السني لهم !

فيا عرب اعتزوا بكيانكم ومستقبلكم ووطنكم واحفظوا دينكم من اي استغلال اجنبي يسل خنجره في صدوركم .

23 / 8 / 2004

 

التعليقات السياسية الاخرى