في القديم أثناء الحرب الباردة كانت القيادة
الأمريكية تضن أنها إذا تخلصت من نضيرتها ومنافستها الشيوعية (
الاتحاد السوفيتي سابقا ) سوف تسيطر على العالم كله وسوف تبقى هي
الدولة الوحيدة المهيمنة على هذا العالم ، لذا وضعت بين نصب عينيها
الخلاص من الإمبراطورية الشيوعية والتي كانت تصفها بإمبراطورية الشر
، فهيئت مؤسساتها العسكرية والاستخباراتية على هذا الأساس وهي كيفية
القضاء على الشيوعية ، فتبنت فكرة ما يسمى بالتحالف مع الشيطان ضد
العدو ، فقد تحالفت أمريكا مع المجاهدين العرب في أفغانستان ضد
الاتحاد السوفيتي ومولتهم بالمال والسلاح ، وذلك ليس حباً أو نصرتاً
للقضية الأفغانية وإنما لأهداف استراتيجية خاصة لهم في المنطقة ،
انتصر المجاهدون في أفغانستان وسقطت الشيوعية وانهزمت ، فضن
الأمريكان انهم قد تخلصوا من عدوهم الأوحد ، فما إن لبثت سنوات قليلة
إلا وقد وجدوا أنفسهم أمام عدو جديد أضرى و أقوى من العدو السابق ،
فلقد انقلب السحر على الساحر وكون المجاهدون العرب برئاسة أسامة بن
لادن ما يسمى بتنظيم القاعدة .
في بداية ظهور هذا التنظيم استهترت واستقلت
القيادة الأمريكية من شأن هذا التنظيم واعتبرته محصوراً في عدة أشخاص
يمكن لها القضاء عليهم بسهولة ، وذلك عندما طلبت الحكومة السودانية
من وكالة الاستخبارات الأمريكية ( FBI ) التعاون المشترك فيما بينهم
للقضاء على هذا التنظيم ، وكان هذا الطلب السوداني والذي رفضته
القيادة الأمريكية بوساطة رجل أعمال باكستاني تقابل شخصيا مع الرئيس
الأمريكي ( بل كلينتون ) وطرح عليه التعاون مع السودان للقضاء على
أسامة بن لادن فقال له الرئيس الأمريكي ، أسامة بن لادن في نظري رجل
مجنون ملتف في لفة قماش ، وبعد عدة ضربات موجعة وجهتها القاعدة
لأمريكا اصبح بن لادن بعدها هو العدو الوحيد لها ، فشنت أمريكا حرب
ضد ما أسمته معاقل الإرهاب في أفغانستان وضنت أنها في هذه الحرب
وبانتصارها فيها ستتخلص من كابوس القاعدة ، ولكن النتيجة أصبحت عكس
ذلك فلقد وجدت أمريكا نفسها في مأزق من هذه الحرب .
حاولت أمريكا التخلص من هذا المأزق ففكرت بغزو
العراق والخلاص من نظام صدام حسين والذي كان في نضرها العدو الوحيد
في المنطقة ، وبدخولها العراق كانت أمريكا تفتح على نفسها أبواب جهنم
وهي لا تدري ، سقط نظام صدام حسين ووصف القادة العسكريون المقاومة في
العراق أنها بواقي جماعات من حزب البعث واستهونوا من أمرها ، تم
القبض على صدام حسين وضن الأمريكان انهم قد تخلصوا من عدو أمريكا ،
ولكن الأمريكان وجدوى أنفسهم في العراق قد وقعوا في مستنقع موحل لا
يمكنهم الخلاص منه بسهولة فبين الفينة و الأخرى تخرج لهم جماعة جديدة
وقائد جديد وعدو جديد ، فوجدت أمريكا نفسها بأنها تحارب عدو مجهول
بالنسبة لها ، فهل ستستطيع القيادة الأمريكية مستقبلاً تمييز عدوها و
معرفته بدلاً من التخبط الذي تتخبطه حالياً ؟؟؟