وكالة الأنباء الأحـوازية - حـوز

Print screen button

الصفحة الرئيسية

مركز الاخبار

ليس فيها فأر طاهر
بقلم / أحمد الجار الله
- رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية
بتاريخ : الاثنين 25 / 12 / 2006 - العدد 13698 - السنة 39

25 / 12 / 2006
المصدر: صحيفة السياسة الكويتية - الاثنين 25 / 12 / 2006 - العدد 13698 - السنة 39
  • تقع الحيرة هنا حين لايملك ( حزب الله ) قراره في لبنان ، ولاتملك حركة (حماس) في فلسطين قراره، ذلك ان أمر هذين التنظيمين عائد الى ايران، ومهمتهما تمثيل الستراتيجية الايرانية في قلب القضيتين اللبنانية والفلسطينية. ولذلك لايمكن، وفق هذه الحالة الموغلة في التبعية، ان نحاسب الحركتين وفق أصول المنطق، او أن نحاسبهما وفق مقتضيات المصلحة الوطنية، التي هي بالتأكيد لاتمت بصلة للمصلحة الايرانية الجامحة، او تتطابق معها حتى، فحركة (حماس) كناية عن حضور ايراني غريب في القضية الفلسطينية، حالها حال (حزب الله) في لبنان.
    لكن لنقفز فوق هذه الطبيعة الشاذة وطنيا لمحاولة التقاط خيوط المنطق في مواقف الحركتين. ف¯ (حزب الله) عندما فشل في تحقيق الانقلاب على حكومة فؤاد السنيورة الشرعية، قيل له أن يتريث، وينتظر الخطوة التالية، والتي تمثلت فيما بعد بمحاولات التوسط العربية لحل الازمة المفتعلة. وبعد هجومات سفيهة على الحكومة اللبنانية، واتهامها بأنها حكومة اولمرت وبوش وكوندوليزا رايس، وحكومة فيلتمان السفير الاميركي في لبنان، نرى (حزب الله) جاهزا لدخولها بشروطه، وكأن اتهاماته لها بالمشبوهية الاميركية الاسرائيلية لم تكن، اذ كيف تضع يدك في يد أنت تقول أساسا بتلوثها ووجوب قطعها? يضاف الى هذا اللا منطق موقف آخر ينفي اللعبة الديمقراطية من أساسها والتي تقوم على أغلبية تحكم وأقلية تعارض.
    وحين يوغل المرء في هذا النقاش، المنطقي في أصله، يكتشف في النهاية ان وراء اللا منطق لدى (حزب الله) أمر ايراني سوري يستهدف إفراغ لبنان من سلطته التنفيذية وصولا لتعطيل تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي التي سيمثل أمامها ومحاولة التخلص من تداعيات أعمال الاغتيال اللاحقة التي نالت من وجوه سياسية لبنانية سيادية معارضة للمحور الايراني السوري ومناهضة له.
    الآن نرى (حزب الله) بعد أن صمد السنيورة في وجه الانقلابيين ضده، يبدي رغبة في التعاون مع حكومة سبق واتهمها بالخيانة وبالعمالة لحساب بوش وأولمرت، فكيف تستقيم هذه الحالة وبأي مقياس منطقي? هل يبدي (حزب الله) الرغبة في التفاهم بعد ان فشل في إسقاط الحكومة، وعلى من يضحك هذا الحزب بعد ان أصبحت مواقفه شديدة الانكشاف، وخارجة عن نطاق الخيارات الوطنية اللبنانية الصرفة.
    الآن أمامنا (حماس)، الوجه الآخر للمواقف المرتهنة للخارج الايراني بكل فجاجة وغباء.. (حماس) هذه قامت قيامتها حين عاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى صلاحياته وقرر إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة. فهي، على رغم ادعائها بأنها ستعود أقوى في عقب أي انتخابات، الا أنها عارضت قرار الرئاسة بقوة، بعد ان أجهضت كل المحاولات لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية تعيد الاستقرار، وترفع الحصار، وتحاكي الواقع السياسي القائم ولا تصطدم معه.
    فكيف تهدد (حماس) باسقاط قرار الرئيس، وفي الوقت نفسه تدعي أنها ستفوز في أي انتخابات مقترحة، وفي أي وقت وفي أي زمان?
    ما يمكن فهمه، عبر كل ماتبديه (حماس) من مواقف متشنجة، هو أن هذه الحركة التابعة للمحور الايراني السوري بدأت تشعر بانكشافها وطني، وبدأت تدرك أنها لن تعود الى حيازة الاغلبية في الانتخابات بعد ان استيقظ الناس من سكرتهم بعد تسعة اشهر من ممارسة (حماس) في السلطة، وبعد ان أدركوا خديعة الشعار وفظاعة الافعال... (حماس) الآن أصبح لديها العلم بان نتائج الاحصاءات العامة ضده، ولذلك تعارض إجراء الانتخابات المبكرة وليس لان خطة أبو مازن خطة أميركية اسرائيلية مشبوهة. لو أجريت الانتخابات الان فان (حماس) لن تفوز بها لان الناس لم تعد تريد قضم الهواء، بل إمساك رغيف الخبز بيديه، والنوم آمنة في بيوتها.
    أبومازن يمارس حقه الدستوري والقانوني، و(حماس) تعرف ذلك، واذا كانت ضامنة لعودتها في الانتخابات المبكرة فلماذا تعارض، وتهاجم وتتهم الرئيس بالعمالة والخيانة، كما يفعل (حزب الله) بفؤاد السنيورة في لبنان?
    هنا يستحيل الجواب لان الحسابات المنطقية مفقودة، ولان القرار الذاتي الوطني مفقود? في لبنان يريد (حزب الله) ان يأخذ الثلث المعطل في حكومة يتهمها بالخيانة والعمالة، وفي فلسطين ترفض (حماس) قرار الانتخابات المبكرة بينما تدعي القدرة على الفوز في اي انتخابات، وتعلن ميلها الى التعاون مع رئيس تتهمه بأنه يحمل خطة أميركية اسرائيلية... فكيف يمكن ابتلاع موقفي الحركتين المذكورتين، وقبولهما في قياسات العقل والمنطق?!
    في أيام الحرب الباردة وصراع القوتين العظميين كان هناك زعيم عربي يعبر عن هذه الحالة، وهو لايريد الانتماء الى اي من الطرفين، ويقول ليس في الفئران فأر طاهر... وقول هذا الزعيم ينطبق على (حماس) و(حزب الله) إذ ليس فيهما طرف طاهر على الاطلاق.

 
مواضيع ذات صلة :

© جميع الحقوق محفوظة لدي شبكة الاحواز للانترنت
Ahwaz-Arabistan Online Network - AAON
www.al-ahwaz.com
© 1998-2006