الدولة الفارسية .. بين إحتضار مشروعها و نهاية حلمها
بقلم /  حسن راضي

الكاتب الاحوازي حسن راضيأضحى شبه إجماع عند معظم أبناء الشعب في الوطن العربي بان إيران دولة عدوة متلبسة و مختفية وراء شعاراتها الفارغة التي اصبحت مكشوفه و مفضوحة لدى القاصي و الداني. و لها مشروع توسعي يستهدف الأمة العربية و ثرواتها و أمنها و استقرارها من خلال أدوات و محاور سياسية , أمنية , عسكرية , خدماتية و مذهبية.
الدولة الفارسية الدولة الوحيدة في العالم التي توسعت خارطتها و مازلت تتوسع على حساب الشعوب غير الفارسية في المنطقة و سيادتها حيث أصبحت و بفعل نهجها التوسعي تشكل خارطتها السياسية من ثماني قوميات و شعوب مختلفة تزرح للإحتلال و الهيمنة الفارسية و قمعها. و تتطلع معظم تلك القوميات و الشعوب إلى التحرر و التخلص من إيران و هم: العرب الأحوازيون, البلوش, الترك الاذربايجان, التركمان, الكرد, الارمن, اللور او البختياريين, الكيلك و الفرس, التي تحكم الأخيرة بقوة القمع و البطش و الديكتاتورية و هم يشكلون الأقلية مقارنة مع مجموع تلك الشعوب. و كما تتشكل خارطة إيران السياسية من أديان و طوائف شتى مثل المسلمين( شيعة و سنة) و الصائبة و المسيحيين و اليهود و الزرادشتيين و البهايين.

السياسية العنصرية الفارسية الممنهجة و المطبقة على أرض الواقع بغرض التطهير العرقي لكل ما هو غير فارسي و نضال الشعوب غير الفارسية للدفاع عن النفس و التطلع الى الحرية, جعلتا من إيران دولة في مهب الريح و غير مستقرة سياسيا و أمنيا و هي من أكثر الدول مرشحة للتفتت على غرار الإتحاد اليوغسلافي السابق. و ما جعل تفتت إيران أمرا محتوما هو إصرار الشعوب على حقوقها القومية و تصاعد وتيرة نضالها القومي رغم مرور ما يقارب التسعة عقود من عمل الدولة الفارسية لذوبان تلك الشعوب و إنصهارها في البوتقة الفارسية. فشل الدولة الفارسية من جعل إيران دولة من شعب واحد و ثقافة و لغة واحدة رغم كل ما فعلت من بطش رهيب و عمل دؤوب على كل المستويات الثقافية و السياسية و الإعلامية و الدعائية و غيرها, فهذا يعني إن الدولة الفارسية على أبواب الإنهيار. و لا تحميها الديكتاتورية المستبدة و لا الديمقراطية الحقيقية حيث الديكتاتورية المستبدة ستفجر الوضع و تخرج النار من تحت الرماد و الديمقراطية إن وجدت في ايران ستخرج الشعوب غير الفارسية بكامل إرادتها و في ظهر النهار من الخارطة الإيرانية التي قد ضُمت اليها بقوة السلاح و الحروب, تطبيقا لحق تقرير المصير الذي يشكل العمود الفقري للديمقراطية و لحرية الشعوب و المجتمعات.

و على الساحة الخارجية دفعت و مازلت تدفع الدول العربية ثمنا باهظا نتيجة السياسية الإيرانية التي أستخدمت كل الأدوات لإخضاع تلك الدول لإرادتها السياسية و بالتالي إلى هيمنتها الكاملة على غرار ما حصل في الأحواز و العراق و الجزر في الخليج العربي. و نتيجة لتلك السياسية الإيرانية المبنية على العدوان و التجاوز على الدول العربية من جهة و نهج بعض الدول العربية إستراتيجية الدفاع عن النفس في مقابل السياسية التوسعية الفارسية من جهة ثانية أوصل الأمر إلى التصادم و صراع الإرادات من أجل البقاء. و الفائز في ذلك الصراع هو نصيب صاحب الإستراتيجية الدفاعية المحكمة و كشف النقاط الضعف القاتلة للخصم و إستغلالها. استخدمت الدولة الفارسية كل أوراقها و أدوات السياسية و العسكرية و المذهبية و الإعلامية و غيرها لبسط نفوذها و في المقابل أستخدمت بعض الدول العربية جزء يسير من إمكانياتها و أوراقها للدفاع عن النفس.

إذا ما قارنا إمكانيات العرب من جهة و إيران من جهة أخرى, و ما يمتلكون من أدوات و أوراق ضغط, نرى أن العرب لديهم من المقومات و الأدوات الهائلة للدفاع عن النفس و ردع الخطر الإيراني, منها القوى البشرية و الإقتصادية و الأدوات السياسية و يتفوق العرب عشرات المرات من حيث الإمكانيات المادية و البشرية على إيران بكل المقاييس. و بالمقابل تعاني إيران داخليا من ضعف وتشتت بنيوي و عرقي و طائفي و ديني و سياسي خطير للغاية, ناهيك عن صراعها مع المجتمع الدولي حول ملفها النووي و سياستها الارهابية و التوسعية في المنطقة و الذي أدى إلى عزلتها بشكل كبير في العالم. و أهم من ذلك العقوبات الإقتصادية التي فرضت عليها بدءت تدك بقوة في مضاجع الدولة الفارسية و إقصادها الذي يعتمد بشكل كبير على البترول و الغاز الأحوازي و الذي ينتظر خطة إستراتيجية لوقفه بشكل كامل لتنهار أعمدة الدولة الفارسية الخاوية.

إذا وظفت الدول اللعربية بعض إمكانياتها الهائلة لصد المشروع الفارسي لتجد تجوابا كبيرا من قبل الشعوب غير الفارسية و الذي يشكلون أكثر من 70% من سكان خارطة إيران السياسية. يصل هذا التجواب إلى التطابق الكامل بالروئية و الأهداف و الإدوات للتخلص من المشروع التوسعي للدولة الفارسية المبني على العنصرية و الكراهية لكل شعوب المنطقة.

تمر الدولة الفارسية في هذه الفترة بأضعف ايامها من حيث مكانتها الدولية و الإقليمية و الداخلية, و تشكل قضايا الشعوب غير الفارسية أهم نقاط ضعف الدولة الفارسية و نضالها الذي وصل إلى مرحلة النضوج و سيكون اللاعب الرئيس في تحطيم حلم الدولة الفارسية و مشروعها التوسعي بعد ما إستطاعت تلك الشعوب من الصمود بوجه المشروع الفارسي و ثم فضح جرائمه و تعريته عنصريته أمام العالم. قد بدء العد التنازلي لسقوط الدولة الفارسية و مشروعها التوسعي على يد الشعوب غير الفارسية في إيران و سيسرع ذلك السقوط و يجعله دراماتيكيا إذا تحركت بعض دول المنطقة بمشروع عربي إسلامي جريئ يدعم نضال الشعوب و في مقدمتها القضية العربية الأحوازية التي تشكل العازل الثالوثي (الخليج العربي و جبال زاغروس و الشعب الأحوازي بملايينه العشرة) بين الدولة الفارسية و الوطن العربي. دعم القضية الأحوازية و مساندها بإعتبارها دولة عربية وقعت تحت الإحتلال الفارسي, لا يعتبر تدخلا بالشؤون الإيرانية فحسب, بل يعتبر أمرا واجبا إنسانيا و قانونيا على جميع الدول, حسب ميثاق الأمم المتحدة و قراراتها في دعم حركات التحرر الوطني من أجل التخلص من الإحتلال الأجنبي ( وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث).

30-03-2012
Ahwazi5@hotmail.com

Al-Ahwaz.com © 2012