مرحى نيسان.. ثورة و عصيان
بقلم /  حسن راضي

كل قضية لها ايامها تتميز بها و تعرفها للعالم. و لكل شعب ايام تصنع له تاريخ تسجل بحروف من ذهب في سماءه و تبقى خالدة و تصبح رموز وطنية يتباهى بها الشعب و العالم أجمع. ذاكرة الشعوب لا تنسى الأيام التي تصنع فيها أحداث كبرى أو كانت إنطلاقة لإنتزاع حريتها و كرامتها و سيادتها من سالبها. كما لا تنسى ذاكرة الشعوب الأيام التي حدثت بها مآسيها من مجازر و سلب لحريتها أو إنتهاكا لحقوقها و سيادتها. كل الشعوب لها أيام تتفاخر بها و تعتز بها حيث صنعت أمجادها في تلك الأيام و ذكراها يزيدها قوى و إصرار و مثابرة للحفاظ على مكاسبها الوطنية التي سجلت في التاريخ و تحسب من مفاخر الشعوب. و لكل الشعوب محطات وطنية و قومية تميزها عن غيرها و تسلط إهتمام العالم بأحداثها أو بذكرى إنطلاقاتها. و من أهم تلك الأيام التي بقت و ستبقى في ذاكرة التاريخ ايام التي أحتلت بها الأوطان و الأيام التي أنطلقت بها الإنتفاضات و الثورات التي تحررت بها الأوطان من براثن الإحتلال.

و القضية الأحوازية لها أيامها التي شهد لها العالم و سجل أبناء الأحواز أروع البطولات و التحديات و واجهوا أعنت الديكتاتوريات المتمثلة بالدولة الفارسية الحاقدة على الشعب الأحوازي و تاريخه المجيد. يشهد العالم و التاريخ لأيام و أحداث مهمة في تاريخ القضية الأحوازية المعاصر و التي تبدلت الى ايام رمزية يحييها الشعب الأحوازي و يتحدى بها الإحتلال الفارسي و سياساته الإجرامية. هنالك ايام كثيرة في تاريخ الأحواز حدثت بها أحداث كبرى منها كانت مأساوية مثل ذكرى الإحتلال المشؤوم و ذكرى مجزرة المحمرة و ذكرى إعدام أبطال من أبناء شعبنا الأحوازي و منها كانت ذكرى عظيمة و تمثل مفخرة و إعتزار لشعبنا الأحوازي مثل ايام الثورات الأحوازية في وجه الإحتلال الفارسي و جرائمه البشعة. يحيي الشعب الأحوازي ذكرى تلك الأيام و الأحداث المريرة و الأيام المجيدة على حد سواء بالطرق المناسبة و بالحجم الذي يتناسب مع كل حدث و تأثيره على قضيتنا الأحوازية و سيرورتها النضالية و حركتها التحررية.

حدث في تاريخ الأحواز المعاصر حدثين مهمين في شهر نيسان غيرا وجه القضية الأحوازية و مسيرة الشعب الأحوازي و غلبا الموازين راسا على عقب. الحدث الأول هو إحتلال الأحواز في يوم عشرين من شهر نيسان لعام 1925 حيث سقطت سيادة دولة الأحواز و أستباحت الحقوق و نهبت الثروات و زهقت الأرواح من قبل دولة لا تحترم حق الشعوب في حياتها و حريتها و تآمرت مع دولة عظمى من أجل الوصول لأهداف لا أخلاقية و لا إنسانية تمثلت بالتوسع عبر القتل و التدمير و أرتكاب مجازر بحق شعوب كانت لها سيادتها و تمارس حقوقها على أرض أوطانها.و الحدث الثاني هو ذكرى إنتفاضة 15نيسان من عام 2005 التي تميزت هذه الإنتفاضة عن مثيلاتها في الأحواز منذ عام الإحتلال حتى يومنا هذا.

هذه الإنتفاضة النيسانية المجيدة أعادت كرامة الإنسان الأحوازي و وضعت المسيرة التحررية الأحوازية على الطريق الصحيح و بعثت روح التحدي و الإخلاص للقضية و زرعت الإيمان بالنصر الحتمي و كسرت أوهام الخوف و دمرت جدران اليأس عند الشعب الأحوازي المكافح. و دقت بقوة ذاكرة العالم و شعوب المنطقة بالقضية الأحوازية و جعلتها من أهم القضايا في العالم حيوية و إندفاع. و جلبت أنظار العالم للقضية الأحوازية و مآسيها بعد ما كانت تحت ركام رماد النسيان و الإهمال المتعمد. و أعلنت الإنتفاضة الإنسانية العد التنازلي لعمر الإحتلال الفارسي للأحواز بعد مرور عقود طويلة من الظلام الدامس حيث رسم الأحوازي خارطة النصر لمسيرته التحررية بحروف التضحيات و التحدي و طرز تلك الخارطة بالدم و الأرواح و نصب إطارها المحكم بالتماسك و الإيمان سبيلا لحياة العزة و الكرامة.

تميزت الإنتفاضة النسيانية ليس بشموليتها بكل المعاني العمرية و الجغرافية و تنوعها الكفاحي و تحديها لألة قمع الإحتلال الفارسي فحسب, إنما أصبحت دافع للثورة و للنضال الأحوازي و محرك مستمر للكفاح الثوري و مفجر للطاقات الأحوازية و إمكانياتهم في سبيل الأحواز و حرية شعبها. و أصبح ذكرى الإنتفاضة النيسانية و التي تزامن مع ذكرى الإحتلال مصدر خوف الإحتلال الفارسي لتكرار إندلاع إنتفاضة مثيلة لها و هو يجيش جيوشه كل عام قبل و إثناء هذه الإنتفاضة و ذكرى الإحتلال و يقوم بإعتقالات و إعدامات إستباقية ترهيبا للشارع الأحوازي و إرهابا لروحه الثائرة. و رغم كل ذلك لسان حال الأحوازي كل عام يقول مرحى بنيسان شهر الثورة و التحدي و العصيان و هم يحيون ذكراها بالطرق المختلفة من مظاهرات و مسيرات إحتجاجية و ندوات داخل الوطن و في الشتات بامل أن تتجدد تلك الإنتفاضة و الثورة في شهر نيسان و تكون إنطلاقة حقيقية و بلا هوادة لتحرير الأحواز من براثن الإحتلال الفارسي البغيض.

01-04-2012
Ahwazi5@hotmail.com

Al-Ahwaz.com © 2012