فاض الكيل بكبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب
عريقات، وكشف في لحظة صدق مع الوطن عن الحقيقة
القاسية التي يصطدم فيها مشروع المفاوضات، لقد
استهجن كبير المفاوضين التصويت الأمريكي ضد قرار
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ الذي
أدان اعتزام إسرائيل بناء وحدات سكنية جديدة
للمستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية،
معتبراً ذلك العمل تقويضاً لعملية السلام، ويشكل
تهديداً لحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية
مستقلة، ومتصلة الأجزاء.
بعد عشرين عاماً من المفاوضات التي خاض غمارها
الدكتور صائب عريقات، يكتشف عمق انحياز الوسيط
الأمريكي لإسرائيل، ويفاجأ بالرفض الأمريكي لإدانة
الاستيطان، وكأن الدكتور صائب عريقات قد نسي
الفيتو الأمريكي قبل عام، في شهر شباط 2011،
الفيتو الذي أحبط قرار مجلس الأمن الدولي بإدانة
الاستيطان اليهودي، ونسي أن أمريكا عارضت فكرة
الاعتراف بدولة فلسطينية من خلال مجلس الأمن قبل
عدة أشهر. وبدل أن يعلن السيد عريقات موقفاً
فلسطينيا رافضاً للوساطة الأمريكية في المفاوضات،
وبدل أن يعلن رفضه العودة لمفاوضات مع عدو
إسرائيلي يغضب رئيس وزراء حكومته من مجرد الإدانة
للتوسع الاستيطاني، ويهدد ويتوعد السلطة
الفلسطينية بعواقب الأمور لوقاحتها في طرح موضوع
الاستيطان على مجلس حقوق الإنسان، يطالب السيد
عريقات في حديث له مع إذاعة (صوت فلسطين)، يطالب
الدول العربية استخدام نفوذها لدى الولايات
المتحدة وقال: "مرة أخرى آن الأوان لنا كعرب في
وقت التغييرات الحاصلة أن نخاطب الولايات المتحدة،
وان نتحدث كصناع للقرار في العالم العربي بلغة
المصالح التي لا تفهم سواها."
ألم يكن من الأجدر بكبير المفاوضين الإقرار بفشل
العملية السياسية مع الإسرائيليين، وينادي بالتوبة
عن معاصي المفاوضات، قبل أن يتوجه إلى الدول
العربية لاستخدام نفوذها؟ لماذا لا يتوجه كبير
المفاوضين بطلبه هذا إلى قيادة السلطة الفلسطينية
في رام الله؟ لماذا لا يطالب زملاءه في منظمة
التحرير، بوضع حد للمفاوضات العبثية، ليكتشفوا أن
العرب جميعهم سيقفون خلف الشموخ الفلسطيني؟.
بعد انكشاف العوج الأمريكي لكبير المفاوضين، أزعم
أن أشد ضربة توجه للانقسام الفلسطيني هي ركل
المفاوضات، لأنها السبب المباشر لحالة التمزق
السياسي الفلسطيني، ولأن التخلص من عملية السلام
يعني سحب الاعتراف بإسرائيل، ورفض شروط الرباعية،
ونهاية مسخرة التنسيق الأمني التي مزق النسيج
الوطني بحجة الالتزام بعملية السلام.
إن نهاية العملية السياسية لهي العصا التي ستهش
على كل القوى الفلسطينية، وتجبرها على الانخراط في
صفوف المقاومة المسلحة لعدو واحد ووحيد، اغتصب
جغرافية فلسطين، ومسح تاريخها من عقول الغرب
والأمريكيين.
الدكتورة فايزة
ابو شمالة
|