بقلم : د. ناديا بوهنّاد
قبل أيام وبينما كنت أتصفّح التويتر قرأت ما سُمّي بـ”مجرد ترتيب أوراق مصر” وقد ذكر المصدر سلسلة من الأحداث المنطقية الواضحة والتي لا تحتاج إلى محللين سياسيين، فيها تنبيه وتحذير لما يحصل وينتشر بقوة من نبذ الآخر ونشر العنف بين الناس، إلا أنني وفي الوقت نفسه أقرأ قصص الهلاك والقتل التي يطلق عليها “استشهاد” للكثير من الشباب الخليجي والعربي الذين غرر بهم تجار الدين ممن ينتمون إلى تنظيمات إرهابية أبرزها تنظيم الإخوان الإرهابي.
وكانت الأحداث التي ذُكِرتْ في ذلك المصدر تبدأ من الثورة المصرية وتنازل حسني مبارك عن الحكم في 2011، وسرقة الإخوان الإرهابيين للثورة، والعمل على تحريض الشعب ضد المجلس العسكري مما أدى إلى الحراك ضد الداخلية المصرية، واستيلاء شياطين الإخوان على الحكم في مصر، إلى مرحلة تمكين الإخوان، ثم عن وعي الشعب المصري وإصراره على مساندة الجيش المصري لإقصاء الإخوان، وكيف بعد فترة بدأ الحراك ضد الجيش المصري وبدأت معه حملة تشويه سمعته، وقيام حماس بأعمال تخريبية في مصر متزامنة مع ظهور جماعات إرهابية تقوم بعمليات ضد الجيش المصري، إلى إهانة حماس للجيش المصري من على المنابر الإعلامية برفقة إخوان الإرهاب وحلفائهم، ثم توجه الأنظار إلى الجيش السوري الذي بدأ ينهار، ودخول إيران على الخط، وفجأة ظهور الجيش الحر وظهور جيش النصرة، ومن حيث لا نحتسب ظهور داعش، إلى الصمت الأميركي والعالمي غير المبرر، وداعش تُقلّب الأوراق بما يروق لها حتى بدء ما يسمى بالثورة العراقية، ودخول داعش العراق والاستيلاء على الثورة العراقية تماماً كما فعل الإخوان في مصر، وتصبح داعش أغنى حركة إرهابية في التاريخ المعاصر (وهذا نسبة إلى اقتنائهم الدبابات والسيارات ذات الدفع الرباعي وخليفتهم الذي يلبس ساعة روليكس وربما أمورا أخرى كلها من الأموال التي يجنونها من سرقة النفط السوري وبيعه)، إلى أن نرى داعش تتحرك باتجاه الكويت والسعودية، ثم تبدأ بمحاولات لاستفزاز السعودية، وفجأة إسرائيل تدخل على الخط، حماس ترفض التهدئة رغم الاتفاق مع السلطة الفلسطينية، وتبدأ إسرائيل بقصف غزة وتقتل الأبرياء، حماس تطب مساندة الجيش المصري، ويحدث أن تُفتح المعابر من الجهة المصرية لكن يتم إغلاقها من جهة حماس، فتعمل حماس على التهجم على الرئيس المصري واتهامه بالعمالة مع إسرائيل، فنرى اتصالات قطرية تركية، وكما هو متوقع من السيناريو حماس ترفض الوساطة المصرية، وترحب بالوساطة القطرية التركية (الشيطان لا يؤازر إلا إخوته)، وتبدأ الحملات الإعلامية الشرسة ضد كل من مصر والإمارات والسعودية، ونتذكر أن الاتفاق الخليجي انتهى دون أي نتيجة وعدم تنفيذ قطر لأي بند! ثم يُقال إن الحوثيين يسيطرون على أغلب الحدود اليمنية السعودية، وبالطبع إيران في جميع المحاور متواجدة حتى ولو بشكل غير مباشر وأحيانا تُراقب بصمت.
ويذكر هذا المصر أن الهدف الأساسي من وراء كل ما يجري هو “جر الجيش المصري والمنطقة المتبقية لحرب نتيجتها تدمير آخر ثلاث جيوش عربية (مصر السعودية والإمارات) وبدء الحراك في الجزائر وبهذا تنتهي كل الجيوش العربية وتسهل عملية التقسيم التي بدأها جلال طالباني لتقسيم العراق وبعدها سوريا وثم الأردن ومصر والسعودية.”
كما جاء في المصدر، الأحداث هذه بالفعل حدثت وما زالت تحدث، والمثير في الأمر أن الفوضى تشتعل وتنتشر أكثر في شهر رمضان سواء من جانب الجماعات الإرهابية وحلفائها أو إسرائيل! كل ما يحدث واضح أنه مخطط الهدف منه تدمير المنطقة بطريقة أو بأخرى، لكننا لا نرى لما يحدث نهاية، ألا توجد حلول عملية وكأن هناك من يُملي حتى على المتضرر أن يقبل الضرر ولا يُحرك ساكناً! المواطن المسالم في أي دولة عربية والذي لا علاقة له بالحروب السياسية بين قادة الدول يريد فقط أن يعيش بسلام، نحن جميعاً نتساءل: ما الذي يجري من حولنا؟ النار التي تشتعل يتم إخمادها أو أنها تُخمد ولو بعد فترة، لكن النار التي بدأها الثيران في الربيع العربي لا تزال تشتعل بل تأخذ أشكالاً غريبة ومتأججة حتى بدأ الكثير يقلق! هل يُعقل أن لا حلول موجودة لإبعاد الأفاعي إن لم نتمكن من قتلها مع أن القتل هو الحل الوحيد! التخلص من رأس الأفعى هو الذي سيُخلصنا من المشاكل، أما التهدئات المؤقتة أو احتضان المخرب الإرهابي هي مجرد استراحات ثم تعود الأزمات لترهقنا من جديد. يقول الأولون أن الأفعى التي تتأذى من بني آدم تعود لتنتقم حتى ولو بعد حين لذلك وجب التخلص منها فورا. الكثير يُكتب عما يحدث في العالم العربي والكثير نسمع لكننا نتساءل عن الحقيقة؟
إذا كانت هناك قوى عظمى تحرك العالم العربي كما يتم تحريك الدمى الخشبية على مسارح الأطفال فلا بد وأن يكون هناك من يستطيع أن يمنع الأذى عن الشعوب التي لا ذنب لها فيما يحدث. في السابق كنا نحزن على الفلسطينيين الذين يقتلون في غزة في كل رمضان ولكن مرت السنوات الأربع الأخيرة ونحن يوميا نحزن على أبرياء يفقدون أرواحهم من غير ذنب في سوريا والعراق وفي كل مكان، إما بسبب الثورات التي لم تجلب للعالم العربي إلا الدمار والشتات، أو على يد إسرائيل وحلفائها من العرب أو على يد داعش.
لم نعد في حاجة لمن يُفسر لنا أحلامنا، نحن في حاجة لمن يُفسر لنا واقع العالم العربي، أين العرب؟ لماذا حروبهم إشاعة وسيوفهم خشب؟ كما قال نزار قباني وقد صدق: “إياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العَرَبْ، فحربُهُمْ إشاعةٌ، وسيفُهُمْ خَشَبْ، وعشقهمْ خيانةٌ، ووعْدُهُم كَذِبْ”. وكل عام وأنتم بخير وواقع العالم العربي في استقرار وأمن.
————-
المصدر : العرب