مملكة عربستــان عــبر العصــور التَّاريخيــة
شبكة الأحواز :
القسم الأول
بحث الدكتور عبدالمجيد اسماعيل ــ عن افاق عربية
مع اضافات للبحث بتصرف من نصار الشيخ خزعل
نائب الأمين العام لحركة التحرير الوطني الاحوازي
تعريف بمملكة عيلام
عيلام كانت حضارة قديمة انتشرت بمنطقة الأحواز وامتدت من الجنوب إلى مناطق مملكة عربستان ومناطق جهار محال بختياري وبوير احمد بوشهر في إلاحواز ومن الغرب إلى البصرة والكوت في العراق. كانت عاصمة الممالك العيلامية المتواترة مدينة (سوسة). تحدث العيلاميون باللغة العيلامية وهي لغة معزولة لا تمت بصلة للغات المجاورة كالبشتو والسومرية والسامية.
مملكة عربستان ( الأحواز )
كانت عربستان في فجر التاريخ مغمورة بمياه الخليج العربي. وعندما بدأت المياه تنحسر عَنْهُ منذ الألف الثَّالث قبل الميلاد، بَدأ فِي استيطانه شَعبٌ سامي هُو الشَّعب العيلامي الَّذِي لَمْ يتصف بالدَّوام على الاستقرار بسبب الثورات وغاراتهم المُتَقَطِّعة عَلَى بعض المُدن الأكادية، وَبَينَمَا كَانَتْ قُوتهم تزداد يوماً بَعدَ يَومٍ، كانت المملكة الأكادية تسير نحو الضعف والانحلال. ولذلك فلم تنقض سنة(2320ق.م) حتى استطاع العيلاميون اكتساح المملكة الأكادية واحتلال عاصمتها أور، وأنشأوا المملكة العيلامية الَّتِي بسطت سلطانها عَلَى الأقوام السامية كافة الَّتِي تستوطن مملكة عربستان .
المملكة الأكادية .
وعندما قامت المملكة البابلية فِي العراق سنة 2200ق.م بدأت المنازعات بينها وبين المملكة العيلامية، وكان كل هدفها إخضاع الأخرى لسلطانها. ولكن هَذَا النزاع انتهى فِي صالح المملكة البابلية حيث بسطت سيطرتها عَلَى الخليج العربي فِي بادئ الأمر، ثم أخضعت المملكة العيلامية لسلطانها فِي عهد الملك البابلي حمورابي سنة 2094ق.م.
ولما قامت المملكة الآشورية السامية عَلَى انقاض المملكة البابلية قضت عَلَى المملكة العيلامية الَّتِي كانت قد استردت وجودها المستقل فِي فترة ضعف مملكة بابل، ولكن هَذَا الاستقلال لم يدم طويلاً حيث هاجمها الآشوريون واحتلوا عاصمتها تستر سنة 646ق.م (وأخذوا سكانها وذهبها، فتحطمت نهائياً مملكة عيلام).
ولم يدم حكم الآشوريين فِي مملكة عربستان لفترة طويلة فقد استطاع الكلدانيون والميديون القضاء عَلَى المملكة الآشورية واقتسام أراضيها بينهما سنة 606ق.م، فاخذ الميديون القسم الشمالي من المملكة واخذ الكلدانيون القسم الجنوبي منها الَّذِي كَانَ يشمل مملكة عربستان ، ولكن استمرت مملكة عربستان الاحتفاض باستقلال شبه ذاتي عدى دفع بعض الضرائب .
يدلنا التاريخ المكتوب عَلَى أن أول كيان مستقر للقبائل الفارسية الرحل ظهر إِلَى الوجود عندما استطاع كورش الأكبر توحيدها مع القبائل الميدية سنة 546ق.م وباستيلائه عَلَى العرش قامت الأسرة الاخمينية.
وتميز نظام الحكم فِي المملكة الاخمينية بتقسيم الأرضي الخاضعة لسلطانها إِلَى أقاليم أو مقاطعات يتولى حكم كل منها حاكم عام يعينه الملك الاخميني ويكون هَذَا الحاكم مسؤولا أمامه مباشرة عَنْ كافة الشؤون المتعلقة بإدارة الإقليم الَّذِي يتولى حكمه. ولكن الملك الاخميني لم يكن مطلق اليد تماماً فِي تعيين الحاكم العام فقد كَانَ من الضروري اختياره من بين أفراد العائلة الحاكمة فِي ذلك الإقليم ولم يكن فِي استطاعة الملك الاخميني التدخل فِي العادات الاجتماعية الخاصة بوراثة الحكم، وغالباً ما كَانَ دوره يقتصر عَلَى مجرد المصادقة عَلَى تعيين الشخص الَّذِي اختاره أفراد العائلة الحاكمة بينهم لتولي حكم الاقليم .
ولذلك فأن غزو المملكة الاخمينية لمملكة عربستان سنة 539ق.م لم يغير من نظام الحكم فِي هذه الدولة لاستمرار الساميين (العرب) فِي التمتع باستقلالهم وقوانينهم ، ولم يحاول الاخمينيون فرض ديانتهم الزرادشتية عَلَى عربستان وإنما تركوا لسكانه حرية الخضوع لقوانينهم الخاصة بهم .
ولكن العلاقة بين الحكام البابليين فِي هَذَا الإقليم والملوك الاخمينين كانت تختلف عَنْ تلك الَّتِي جمعت بين هؤلاء الملوك وحكام الاقاليم الاخرى، ذلك أن الشعب السامي (البابلي) الَّذِي استوطن عربستان والعراق كَانَ قد قطع شوطاً كبيراً فِي مضمار الحضارة عَلَى عكس الشعوب الأخرى. ولذلك نرى المؤرخ هيرودت يقول (اعترف بسلطان داريوش ملك الفرس كافة شعوب آسيا الَّتِي أخضعها كورش ما عدا العرب في مملكة عربستان و البابليين الذين لم يخضعوا لسلطان فارس وانما كانوا احلافها).
ولم يقدر للحكم البابلي السامي فِي مملكة عربستان أن يستمر بعد ان دمرت جيوش الإسكندر المقدوني الجيش الاخميني فِي معركة ارابيلا عام 331ق.م وبعد موت الإسكندر الأكبر واقتسام امبراطوريته بين قواد جيشه خضعت مملكة عربستان لحكم الاسرة السلوقية منذ سنة 311ق.م.
وكان البارثيون من القبائل الَّتِي لها صلة نسب بالأتراك، وقد سكنوا أول أمرهم فِي إقليم خراسان ثم استطاعوا سنة 126ق.م القضاء عَلَى الأسرة السلوقية وأسقطوها واتخذوا طيسفون عاصمة لهم، ثم مدوا سلطانهم عَلَى كافة الأقاليم الَّتِي خضعت لحكم السلوقيين (ومنها بالطبع مملكة عربستان خضوعا شكليا ).
ولكن سلطان المملكة البارثية عَلَى تلك الأقاليم اقتصر عَلَى التزام حكامها بدفع ضريبة سنوية للملك البارثي وتمتعهم مقابل ذلك باستقلال ذاتي.
وبالرغم من أن الأسرة الساسانية قضت عَلَى المملكة البارثية سنة 226م إلا أنها لم تبسط سيطرتها عَلَى مملكة عربستان إلا فِي سنة 241م، ولكن المملكة الساسانية لم تستطع إخضاع مملكة عربستان اخضاعاً تاماً لها بسبب الثورات المستمرة فيها الأمر الَّذِي كَانَ يفرض عليها توجيه حملات عسكرية لمواجهة هذه الثورات.
وكان آخر هذه الحملات تلك الَّتِي قادها سابور الثاني سنة 310 ميلادية حيث اقتنعت المملكة الساسانية بعدها بصعوبة حكم الساميين (العرب) فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني.
يتبع الجزء الثاني ــ الفتح الاسلامي