التاريخ الأحـواز السياسي

من تاريخ الثورة الاحوازية

 
ثورة الغجرية 1943
ثورة الشيخ حيدر 1940
ثورة الحويزة
المحمرة تستصرخ
شكوى أحوازية الى كبار رجال الدين الشيعة 1925 م - 1344 هـ
ثورة الغـلمان 1925 م - 1344 هـ
مجزرة المحرزي - فبراير 1967
مجزرة الابعاء السوداء
 
 

عـودة لصفحة التاريخ

من تاريخ الثورة الأحوازية

ايها الأحـوازي أعـرف قـضـية وطـنـك

ثورة الحويزة
1928 م - 1347 هجـ

بعـد أن رأت الحكومة الايرانية المقاومة العربية الاحوازية العتيدة لها .. وتحفز جميع العرب للثورة والوثوب على التسلط الايراني لا نهائه ، ورفع المظالم عن العرب .. عندما تحسست السلطات الايرانية ذلك قررت في شهر جمادي الآخر سنة 1347 هـ - تشرين الثاني 1928 م ان تجرد الشعب عن السلاح وتبديل الزي العربي وتحريم لباسه . فتقدمت بمطاليب الى القبائل العربية طالبة تنفيذها بحذافيرها ، والمطاليب هي :

  1. نزع السلاح وتجريد العشائر منه بصورة كاملة .

  2. تبديل الزي العربي وارتداء الملابس البهلوية .

  3. رفع يد رؤساء العشائر العربية كافة عن ممتلكاتهم وأراضيهم .

دعا الحاكم العسكري الفارسي جميع رؤساء القبائل العربية في مدينة الأحواز مقر عمله ، ثم خطب فيهم ودعاهم الى التمسك بمطاليب الحكومة الايرانية وتنفيذها بكل دقة . وامام الضغط والتخويف أظهر الرؤساء العرب موافقتهم على الالتزام بتنفيذ المطالب الايرانية ، وكان من بين الحاضرين مع الرؤساء العرب المولى عبد علي والمولى نصر الله وهما من الاسرة المشعشعية الموسوية ( الموالي )  التي تنتسب الى الامام علي بن ابي طالب عليه السلام والتي حكمت الاحواز بأسم الامارة المشعشعية الاحوازية فقد أبديا التحسس الشديد لما تطلبه ايران . ثم أمر الحاكم العسكري الفارسي في الاحواز المحتلة ان يرتدي رؤساء العشائر الاحوازية الزي الايراني فأمتثلوا لاوامره . وبعد ذلك انتهى الاجتماع عاد شيوخ العشائر الى قبائلهم .

بينما كانت القبائل العربية تنتظر من رؤساءها ان يعودوا بنتائج مفيدة للعرب فاذا بهم يعودون بملابس ايرانية ، وعندما شاهدت القبائل ذلك أعلنت الثورة على الاحتلال الفارسي . اما في الحويزة فقاد ثورتها الشيخ محيي الدين الزئبق الشريفي رئيس عشائر ( الشرفه ) وتعاونت معه عشائر اخرى ، وشاركت فيها حتى النساء ، وقد سميت ثورة ( نزع السلاح ) وقد شكل في الحويزة  حكومة استمرت ستة اشهر ، تمارس حكمها بصورة مستقلة ، وسبب هذه الثورة يعود الى أن الاحتلال الفارسي اصدر اجراءات على العرب صارمة منها نزع السلاح ، وتبديل الزي العربي بالزي الفارسي ورفع يد رؤساء العشائر الاحوازية عن املاكها .

وكما يخبرنا التاريخ ان شيوخ الاحواز بأجتماعهم بالحاكم العسكري الفارسي اظهروا موافقتهم في الاجتماع المذكور والتي تعرضوا الى الضغط والاكراه والترهيب ، وبعد عودة الشيوخ بحجة تنفيذ قرارات الاحتلال الفارسي ، اتفقوا فيما بينهم على اعلان الثورة والعـصيان ضد الاحتلال الاجنبي ، وعدم الرضوخ لارادة الحكومة الايرانية ، واشتركت معظم العشائر الاحوازية في هذه الثورة كما ذكرنا ، وكان النساء يشعلن النيران على سطوح المنازل ليلا لمراقبة تحركات الجيش الايراني ، الا ان القوات الايرانية تمكنت من اخماد الثورة لاسباب مختلفة .

وفي تلك الفترة اعلنت الحويزة انفصالها وبقيت تحكم نفسها لاكثر من ستة أشهر من قبل رؤساء العشائر العربية ، وكانت هذه القبائل توقد النيران على سطوح المنازل ليلا لاخذ الحيطة ولرصد التحركات الايرانية .

وعلى الرغم من القسوة المتناهية التي مارستها قوات الاحتلال الفارسي الا ان الشعب الاحوازي لم يخضع للاحتلال ، فتعاونت بريطانيا مع ايران في مراقبة نشاط القبائل العربية ، وجندت المخابرات البريطانية نفسها لصالح الحكومة الفارسية البهلوية التي يتزعمها الجندي العنصري المغرور رضا خان بهلوي ، فقد ارسلت المخابرات البريطانية لحكومة فارس تقريرا برقم س / 135 / 4 في 22 / 7 / 1929 ، جاء فيه : ( ان كافة العشائر غير راضية عن الوضع في عربستان ، وانها تنتظر اية اشارة ضد الحكومة الايرانية ، وان الادارة الايرانية مكروهة ، تماما من الشعب العربستاني الذي يرى في تغيير اسم القطر الى خوزستان ، قصد به القضاء على الشخصية العربية للقطر ، وان شعورهم يمكن الاحساس به بسهولة ، وهو انهم يريدون الثورة ضد الحكومة الايرانية بحاجة الى زعيم يقودهم الى هذا الهدف ) .

وذكرت في تقريرها المرقم س 159 / 4 في 12 / 8 / 1929 م ، ان العشائر مستعدة للثورة ضد الحكومة الايرانية في اي وقت وفي اي مكان ، وانها قد تعاهدت فيما بينها على الثورة وأكد هذه المعلومات القنصل البريطاني في المحمرة في رسالته الموجهة الى السفير البريطاني في طهران بتاريخ 17 / 8 / 1925 .

اسباب فشل الثورة :  

ان الباحث عن أسباب فشل هذه الثورة سيرى ان هناك عوامل داخلية ( احوازية ) واخرى خارجية ( فارسية وبريطانية ) استعمارية وراء فشل هذه الثورة ، وسنحاول ان نوجز اهمها :

الخيانة التي سرت بخبثها بين الرؤساء العرب لكثرة الاموال الايرانية التي وزعت لشراء الذمم والضمائر فأمانتها بعد استيقاضها .. وتنجيسها بعد طهارتها .

اكتفاء  قائد الثورة واعتماده على ما لديه من افراد العشائر دون الاستعانة بالعشائر العربية الاخرى لتكون ثورة شاملة تشمل كل الشعب الاحوازي لتعم القطر كله ، ومن جانب اخر عدم استغلال قائد الثورة الدعم العراقي الذي ابداه جلالة الملك فيصل الاول حين اوفد ( الشيخ بدر الرميض ) ممثل الملك الى الشيخ محيي الدين زئبق الى الحويزة ليعلم الشيخ محيي الدين ان الملك مستعـد لمساعدة الثوار وارسال قوات عراقية الى الحويزة لتعزيز الثورة ، وعند وصول بدر الرميض الى الحويزة واجتمع بمحيي الدين الزئبق  وأبلغه تحيات الملك فيصل الاول واكباره لثورتهم ثم استعداد العراق لمدهم بالعون العسكري وبالقوات العسكرية ، الا ان الشيخ محيي بعد ان قدم شكره للملك فيصل الاول طلب من الشيخ بدر الرميض ممثل الملك ان يعلم الملك بأنه وجماعته الثوار في موقف جيد وسوف يطلبون المساعدة من العراق عند شعورهم بالحاجة اليها .. ثم عاد بدر الرميض وقد اطلع ملك العراق على ما دار بينه وبين قائد ثورة الحويزة .

عدم التعاون مع الوطنيين الآخرين في بعض المناطق الاخرى لاشعال ثورات وانتفاضات شعبية اخرى في مناطق متعددة لارباك سلطات الاحتلال الفارسي واشغالها الذي سيؤدي الى عجزها الشديد في التحرك وبالتالي الى استسلامها .

لم يحسب الثوار اي حساب لما ستقوم به ايران من اعمال لاخماد الثورة ويعود هذا السبب لفقدان حسن ادارة الثورة والوعي العسكري لاتخاذ الاجراءات الاحترازية لحماية الثورة من اي اجراءات فارسية مضادة .

عدم الاستفادة من المساعدات العراقية التي قدمتها الحكومة العراقية التي كانت دافعا قويا لامتداد الثورة الى باقي مناطق القطر التي تتوق الى الثورة والخلاص الوطني وتتشجع مدن اخرى على اعلان ثورتها عندما تشاهد مساعدة عربية من قطر عربي يؤازرها في ثورتها ومطالبها الاستقلالية ، وتعتبر تلك المساعدة واجبا قوميا على الاشقاء تجاه اشقاءهم في الاحواز والقبول بها تحتمه ظروف المرحلة التي تعيشها الاحواز الا وهي حالة الاحتلال والتي تصب في انهاء السيطرة الفارسية واحتلالها الغاشم واسترجاع القطر المغتصب الى الوطن العربي وعودة الشعب الاحوازي الى الامة العربية .

نتائج الثورة :

لم تكن نتائج هذه الثورة بأحسن من سابقتها ، فقد كانت النتائج سيئة على الاحوازيين ، نلخصها بما يلي :

  1. اعتقال عدد كببير من الثوار واعدام بعضهم .

  2. تجريد القبائل الاحوازية من سلاحها تجريدا كاملا حتى بات الاحوازيين لا يملكون سكينا يقطعون به اللحم فاتجهوا الى القصب يستعملونه عوضا عن السكاكين في مهام الطبخ .

  3. الاستيلاء التام على جميع الاملاك العربية .

  4. ازدياد الارهاب والبطش وسياسات التنكيل والاضطهاد ، ومنع اردتداء الملابس العربية للرجال وهي الدشداشة والشماق العربي  والعقال ، واجبارهم على ارتداء اللبس الفارسي وارتداء القبعة ( الكلاو ) بدلا من الشماق والعقال .

  5. القاء القبض على محيي الدين الزئبق قائد الثورة ونقله الى مدينة الاحواز حيث سجن في بيت خاص الى ان توفي .

وقد علقت على ذلك مجلة العرفان اللبنانية بقولها : ( تمرد عرب الحويزة على الحكومة الايرانية لالزامهم بلبس القبعة البهلوية والملابس الافرنجية ، فذهبت حملة عسكرية لتأديبهم . والظاهر انهم أجبروهم على اللبس ، والضغط على حرية اللباس من الامور المستهجنة التي اتبعها مصطفى كمال ( اتاتورك - مؤسس الدولة التركية الحديثة المعروفة بعـلمانيتها ) ، وجاراه عليها ملك الافغان وشاه العجم ... )

وفي تلك السنة لذكرى 38 عاما على ثورة الحويزة  ذكرت جريدة البلد العراقية في عددها 3411 المؤرخة بـ 16 حزيران 1966 الخبر الآتي : ( وصل البصرة شيخ من مشايخ عربستان فارا طالبا الى الحكومة العراقية حمايته مع افراد عائلته . وسبب هروبه تنكيل القوات الايرانية به وقتلها ولديه ، وأخذ مزارعه اذ قتل ضابطين ايرانيين كانا يجمعان الاموال من العشائر الاحوازية القاطنة بين المحمرة والاحواز في اراضيه وقد طلبته حكومة ايران ولا تزال المخابرات جارية بين الحكومة وطهران بشأنه ... ) .

كانت ثورة الحويزة درسا علم الاحوازيين الحذر والحيطة وعدم الغرور ومعرفة الاساليب التي تسلكها ايران . اما بالنسبة للسلطات الايرانية فقد التجأت على عادتها الى سياسات البطش والارهاب والتنكيل وزج الاحرار في السجون ، وابعاد الكثير من العرب الى شمال ايران واحلال الفرس المستوطنيين في اراضي العرب ، كما ان بعض الاحوازيين نزحوا الى العراق والكويت ودول خليجية اخرى .

نبذه عامة وموجزة عن مدينة الحويزة :

تبعد مدينة الحويزة عن مدينة الاحواز عاصمة القطر تقريبا 90  كيلومتر ، ويبلغ طولها 33 كيلومتر وعرضها 18 كيلومتر ، واسم الحويزة هو تصغير الحوزة ، وهو موضع او موقع حازة ( دبيس بن عفيف الاسدي ) في ايام الطائع لله ، وهي من المدن العربية ، وهي عاصمة الدولة المشعشعية الاحوازية عام 1441 م ايام المغول ، وتسكنها عشائر عربية كثيرة ، ابرزها الموالي او المشعشعين وقبائل بني طرف وهي طي نسبة الى حاتم الطائي ، وتقع مدينة الحويزة  على نهر الكرخة ــ شمال غربي المحمرة باتجاه محافظة ميسان العراقية ، ويقع فيها هور الحويزة الذي تتقاسمه الاحواز والعراق ، وغير الفرس اسم المدينة من الحويزة الى ( دشت ميشان ) ، والحويزة من مدن القطر القديمة يكثر فيها القمح والقطن وقصب السكر ، ويكثر فيها الجاموس ، واهلها يشتهرون بتربيته ، ويزاول سكانها مختلف المهن والاعمال . وهم ما زالوا على وضعهم العربي لم تؤثر فيهم سياسة التفريس ابدا حالهم حال باقي الشعب العربي الاحوازي الذي يقدر عدده بـ 8 ملايين عربي موزعين على جميع انحاء القطر .

------------------------------------------------------------

موضوعات ذات صلة :