الأحواز
بلد عربي ، وعروبته ترجع في
أصولها الى جذور الماضي البعيد
والى طبيعة الأحواز وهناك حقائق
عديدة تؤكد عروبة المنطقة بما لا
يدع مجالا للشك في انتماء هذا
الجزء العزيز للوطن العربي
الكبير ومن هذه الحقائق كما يلي
:-
1-
الحقائق الجغرافية :-
لقد
أثبتت التحريات الجيلوجية أن
التاريخ الجيلوجي لاراضي كل من
الاحواز والسهل الرسوبي في
العراق متماثل فقد تكونا في وقت
واحد من ترسبات نهري دجلة
والفرات وكارون وتفرعاته فأدى
ذلك الى ظهور الأراضي الحديثة
على جانبي شط العرب ، ومن جهة
أخرى لا توجد علاقات مكانية
طبيعية تربط بين الأحواز وايران
وذلك لعدم توفر علاقة في التكوين
الطبيعي بين سهل الأحواز وهضبة
ايران الجبلية وقديما لم ترد
تبعية الأحواز لفارس عند أي
رحالة أو جغرافي .. فهي عندهم
عربية الطبيعة والانتماء وتكون
مع القسم الأسفل من بلاد ما بين
النهرين وحدة جغرافية اقتصادية
شاركت في الازدهار في العصور
السومرية والكلدانية
والعيلامية ثم تم تحريرها من قبل
العرب المسلمين عند افتتاحهم
لفارس .
2-
الحقائق التاريخية :-
الأحواز
في منطق التاريخ وحكم اللغة عربي
، وحتى في رأي الباحثين الأجانب
فيما كتبوه عن هذه المنطقة عربي .
حيث يذكر أحد الرحالة
البرتغالي بيدرو تاسكيرا الذي زار
المنطقة سنة 1604م ان جميع المنطقة
الواقعة شرق شط العرب ( اي
الأحواز ) كانت تؤلف امارة عربية
يحكمها مبارك بن عبد المطلب الذي
كان مستقلا عن الفرس والأتراك
وقد تدخل في تحالف عسكري مع
الدولة البرتغالية .
أما
الرحالة
بترو ديلا فالي الذي زار حوض
نهر كارون الى مصبه في شط العرب
فقد ذكر أن الشيخ منصور بن مطلب
كان يقاوم بقوة محاولة الشاه
عباس الأول التدخل في شؤون
امارته الداخلية وكان على اتصال
دائم مع حاكم البصرة .
وذكر نيبور الذي زار
المنطقة عام 1772م ( ان العرب هم
الذين يمتلكون جميع السواحل
البحرية للقسم الشرقي للخليج ) .
ان
الأحواز مرت بنفس الأدوار
التاريخية التي مر بها العراق
حيث افتتح الأحواز في عهد خلافة
عمر بن الخطاب ( رض ) وأصبحت ولاية
عربية تتبع في ادارتها البحرين
واستمرت خاضعة للحكم الاسلامي ..
وهي مستقلة عن العراق في عهد
الدولة الاسلامية . كما تعرضت
لجميع الأحدتث التي تعرضت لها
العراق .. أما خضوعها للفرس في
فترات متباعدة فلا يمكن اعتباره
دليلا على تبعية الأحواز للفرس ..
فالأحواز عربية بتاريخها القديم
ووجودها الحديث والادعاءات
الفارسية بتبعبتها لا تستند الى
منطق ولا الى قانون ولا واقع .
فالوحدة
التاريخية والجغرافية لمنطقة شط
العرب ووحدة اللغة والتفكير عند
سكانها تؤكد أنها عربية وتسندها
في ذلك الحقائق الجغرافية فهي
عربية تاريخيا وجغرافيا .
3-
الحقائق السياسية :-
لا
يتشابة نظام الحكم في ايران مع
الأحوازالعربي ، ففي ايران
اسلوب الحكم قائم على رأسه شاه
أو امبراطور . أما في الأحواز
فاسلوب الحكم فيه قبلي وعلى رأسه
شيخ الأمارة هذا لو عقدنا مقارنة
سياسية عامة في نظام الحكم بين
فارس والأحواز .. حيث نرى عدم
وجود تشابه بين النظامين ..
والأسلوب القبلي في ادارة امارة
الأحواز هو الأسلوب المتبع
لضمان التماسك الاجتماعي لسكان
الجزيرة العربية آنذاك ولعل
النظام القبلي في هذه الامارة هو
الذي جعل من فارس لا تعترف بها
كنظام سياسي قائم بحد ذاتة ..
والواقع أن فارس لم تمارس
سيادتها على الأحواز حتى
احتلالها العسكري البغيض عام 1925م
وتحويلها الى ولاية ايرانية
لاسكات العرب ( الامة العربية )
عن المطالبة بها .
4-
الحقائق الاقتصادية :-
نظرا
لتشابة العوامل الجغرافيه
والمناخية بوجه خاص بين امارة
الأحواز وجنوب العراق فأراضيها
السهلية الوافرة الخصوبة الغنية
بالمياه كونت منها وحدة
اقتصادية زراعية ومتباينة
وحيوانية أهم مظاهرها ذلك
النطاق الكثيف من غابات النخيل
الذي يمتد على ضفتي شط العرب
والذي تنفرد به الأحواز عن باقي
أقسام ايران ولقد مارس أهالي قطر
الأحواز أنشطة اقتصادية متشابهة
مع الانشطة التي مارسها سكان
السواحل في العراق وفي بقية
الامارات العربية المطلة على
الخليج العربي كالملاحة
واستخراج اللؤلؤ وهذة كلها
مظاهر لا تتوفر في مختلف الأجزاء
الايرانية .. وأخيرا وبعد اكتشاف
البترول ظهرت هذه الوحدة
الاقتصادية بين امارة الأحواز
والعراق والامارات العربية في
الخليج بشكل واضح حيث تبين أن
ضفتي شط العرب والخليج العربي
مثقلتان بكنوز البترول في حين
لايتوفر هذا المعدن في أراضي
ايـران الا بكميات ضئيلة وبحدود
مناطق ضيقة كما أن الانتقال بين
سهل الأحواز وسهل العراق ميسورا
جدا ويمكن أن يجري عن طريق شط
العرب وهور الحويزة ببعض أنواع
من القوارب الصغيرة التي تعرف بـ
( البلم ) والى جانب
ذلك هناك مسالك برية كثيرة
مفتوحة بينهما الا أنه يكاد يكون
مغلقا تماما مع ايـران وأثر ذلك
تأثيرا واضحا على تبادل السلع
التجارية بين امارة الأحواز
والعراق .. فكانت قبل بناء
المحمرة عام 1812م تعقد اعتمادا
تاما على تصدير منتجاتها على
ميناء البصرة .
5-
الحقائق الحضارية :-
وهي
الظواهر الاجتماعية كاللغة
والعادات والتقاليد والفن
والأدب وكذلك الزي والمأكل
وغيرها وتعد اللغة في هذا المجال
من أهم العوامل التي توحد سكان
امارة الأحواز والعراق واقطار
الوطن العربي لأنها أداة
التفاهم والتعبير عن الأفكار
والشعور وهي وسيلة لاظهار ثقافة
الأمة وحضارتها وابراز شخصيتها
فسكان امارة الأحواز يتحدثون
اللغة العربية بينما كل سكان
ايران وبشكل خاص الفرس يتحدثون
باللغة الفارسية .
وكذلك
فقد فلقد سكنت نفس القبائل
العربية في العراق في الأحواز
ويتميز أفراد هذه القبائل بوجود
عادات وتقاليد مشتركة هي في
مجملها عادات وتقاليد عربية
تختلف عما هو موجود عند الفرس .
ولقد عمل التدخل الاقتصادي
والحضاري بين الأحواز والعراق
الى تكوين صلة وثيقة بينهما ..
فنرى من نتائج هذه الصلة على
سبيل المثال أن بعض شيوخ المحمرة
امتلكوا عقارات وبساتين في
البصرة كما امتلك بعض أهالي
البصرة مقاطعات زراعية وبساتين
في الأحواز . ان هذا التمازج
السياسي والاجتماعي والاقتصادي
الذي لا حدود له ولد في المنطقة
وحدة الذوق والقيم وطرق التفكير
وبناء المساكن على شاكلة واحدة .
وتقاليد
الزواج ورقصة الأعياد وتقديم
القهوة العربية وغيرها هي من
المظاهر الأخلاقية التي يتميز
بها العرب .
ويسجل
لنا الرحالة الدانماركي كارستم نيبور ملاحظات قيمة
عن قيمة الفروق الحضارية بين
الأحواز وفارس .. فيذكر أن امارة
الأحواز مستقلة عن فارس وأن لأهل
هذه الامارة لسان العرب
وعاداتهم وهم يعشقون الحرية الى
درجة قصوى شأن اخوانهم في
البادية أما مساكنهم فمتواضعة
الى درجة أن العدو لايكترث
لهدمها وكانوا على يقين في أن
الفرس لايمكن أن يفكروا في
الاستقرار على الساحل المجدب
والتعرض لغزوات العرب الذين
يقضون حياتهم في البحار على
العكس من الفرس الذين يقيمون في
أجزاءها النائية والذين يتعاطون
الفلاحة والزراعة.
الحقائق
القانونية :-
لقد
ذاعت في العالم خلال القرن
التاسع عشر وما تلاة التسوية
السياسية للمشاكل الدولية وفقا
لمبادىء القومية وتقرير المصير
الا أن هذا الحق القانوني لم
يعتمد في حل مشكلة امارة الأحواز
.. فهو
يمثل الاحتلال والاقتطاع والضم
على أساس اعتبارات غير قانونية
حيث يتوجب أخذ رأي شعب الأحواز
العربي في تقرير مصيرة وذلك اما باستفتاء
دولي أو بارسال لجنة دولية
من الامم المتحدة لتقصي الحقائق ومعرفة
وجهة نظر المواطن الأحوازي في
حـق تقرير مصيرهم ، على ان تشارك لجنة عربية
من جامعة الدول العربية لمراقبة
الوضع في الأحواز .
ووجهة
النظر الدولية كانت تعتبر
الأحواز دائما عربي وهو جزء لا
يتجزء من الامبراطورية
العثمانية . . والتنازل العثماني
عنها لفارس كانت بمعاهدة ارضروم
الثانية لم تبت نهائيا في مصير
الأحواز .. فكانت نزاعا طويلا
ومملا قطعه نشوب الحرب العالمية
الاولى فأجهضت المحادثات وبقي
الأمر معلقا الى أن أنهاه رضا
بهلوي باحتلال عسكري شامل
لامارة الأحواز العربية ، فهذا
الاحتلال لايقرة قانون دولي
تقليدي ولا أخلاقي ، كما أن التنازل
العثماني أيضا باطل لأنه أهمل
رغبات الشعب العربي في امارة
الأحواز فكان مثل الذىأعطى
شيئا لا يملكة الى من لا يستحقه .
7-
الحقائق القومية :-
يشير
أحد الكتاب الغربيين المحدثين
الى عداء الفرس مع كل القوميات
غير الفارسية ولهذا فليس من
الغريب أن يحاول هؤلاء بشتى
المحاولات لضرب الوجود العربي
وازالة سلطاته في امارة الأحواز.
وكره
الفرس للعرب كما هو معروف يعود
الى أزمان بعيدة .. خاصة بعد أن
قضى العرب على الامبراطورية
الساسانية فظهرت حركة الشعوبية
التي حاولت التقليل من شأن العرب
وانجازاتهم على كل الأصعدة .
ونسبة هذه الانجازات الى الفرس
ممجدة بالثقافة الأعجمية
الفارسية على وجه الخصوص وقد
برزت هذه الحركة على أشدها في
الأحواز ، فأصبحت الاحواز ساحة
للصراع السياسي والثقافي
والاجتماعي بين العروبة
والأعجمية وقد حاول الفرس من
جهتهم أن يقضوا على الوجود
العربي في امارة الأحواز وذلك
بنقل أهالي الامارة واسكانهم في
سواحل بحر قزوين من القوة
الفارسية الغاشمة . حاول ذلك
نادر شاه في أواخر أيامه ولكن
مصرعه المفاجىء حال دون ذلك .
وبعد
الاحتلال العسكري للأحواز حاول
الفرس مرة ثانية اتباع هذه
الطريقة . وفرضوا سياسة التفريس
على عرب امارة الأحواز ولكن هل
نجح الفرس في ذلك ؟ وهل وافق سكان
الأحواز على طمس اصولهم
ومصالحهم القومية ؟
الجواب بطبيعة الحال
هو النفي فلقد ظل هذا الشعب
عربيا تحكمه أعرافه وتقاليده
العربية الخالصة حيث أن في
الأحواز نقاء قوميا وشعورا
عربيا خالصا يمثل تيارا معاكسا
لسياسة التفريس في الأحواز كما
أن الأحواز بالرغم من الاحتلال
الفارسي لم يفقد سجاياه العربية
فجميع ما فيه من مقومات تنطق
بعروبتها وأنظار أبنائه مع
العرب .
مما
سبق يظهر لنا أن أرض الأحواز هي
أرض عربية وهي مشرق المشرق
العربي وحصنه المنيع متى ما
استعمر انغلب خطرا على المشرق
العربي وبالتالي على الوطن
العربي الكبير فارض الاحواز
متممة للجناح الشرقي من الوطن
العربي وذلك في طبيعة أرضها
وتكوينها ومن جنسية سكانها
العرب ومشاعرهم ولهذا يجب أن تظل
عربية بعيدة عن سياسة التفريس
العنصري غير الانساني الذي
تنتهجه ايران بحق الأحواز :
الشعب والارض والتاريخ .